للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصرَّح (١) البيانيون بأنه لابدّ للمجاز ــ سواء أكان استعارةً أم غيرها ــ من علاقة ومن قرينة، وذكروا في بحث الاستعارة أنها مجازٌ علاقته التشبيه، وأنها مبنية على دعوى دخول المشبَّه في جنس المشبَّه به.

وبعد أن بيَّن السكّاكي في «المفتاح» (٢) هذا، ذكر أن الاستعارة تفارق الدعوى الباطلة ببناء الدعوى فيها ــ أي الاستعارة ــ على التأويل، وتفارق الكذب بنصب القرينة المانعة عن إرادة الظاهر.

والذي يظهر لي أنه لما ذكر أن الاستعارة مبنية على الدعوى، أراد أن يبيِّن أن تلك الدعوى ليست بباطلة، إذ ليس المدَّعى دخول المشبَّه في جنس المشبَّه به حقيقةً فتكون دعوى باطلة، وإنما ذلك على جهة التأويل. فهذا معنى قوله: «إن الاستعارة تفارق الدعوى الباطلة ببناء الدعوى فيها على التأويل». ثم كأنه استشعر أن التأويل عمل ذهني لا يظهر في الكلام، فلا يخرج به الكلام عن البطلان الظاهر وهو الكذب.

ولعل هذا الذي قررته هو مراد عبد الحكيم بقوله في «حواشي المطول» (٣): «الأظهر عندي أن الاستعارة من حيث المعنى تشابه الدعوى الباطلة، ومن حيث اللفظ تشابه الكلام الكاذب، فتبيَّن الفرق بأن مبنى معناها على التأويل بخلاف الدعوى الباطلة، وأن مبنى لفظها على نصب القرينة بخلاف الكذب.

وفي «شرح المفتاح الشريفي» (يعني شرح السيد الشريف الجرجاني


(١) وجدنا ورقتين بخط المؤلف فيهما خرم في مواضع وتآكل في الأطراف، تحدث فيهما عن بعض الموضوعات التي تناولها في القطعة الأولى. فألحقناهما في آخر الكتاب.
(٢) (ص ٣٧٣).
(٣) انظر «فيض الفتَّاح على حواشي شرح تلخيص المفتاح» (٤/ ١٥٢).