للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلك الثاني للطحاوي. بدأ في كتابه «معاني الآثار» (١) بذكر حديث ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطع في مِجَنٍّ ثمنُه ثلاثة دراهم»، وهو في «الموطأ» و «الصحيحين» (٢) وغيرها. رواه مالك وجماعة عن نافع عن ابن عمر، فهو في أعلى درجات الصحة. ثم ذكر الطحاوي أنه لا حجة فيه على أنه لا يُقطَع فيما دون ذلك. ثم روى (٣) من طريق أبي واقد صالح بن محمد بن زائدة، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه رفعه: «لا يُقطَع السارق إلا في ثمن المِجَنِّ». قال الطحاوي: «فعلمنا بهذا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقَفَهم عند قطعه في المجنِّ على أنه لا يُقطع فيما قيمته أقلُّ من قيمة المجن».

[٢/ ٩٥] أقول: أبو واقد هذا ذُكر بصلاح في نفسه وغزو. قال أحمد: «ما أرى به بأسًا». لكنهم ضعَّفوه في روايته، قال ابن معين: «ضعيف الحديث». وضعَّفه أيضًا علي ابن المديني، والعجلي، وأبو زرعة، وأبو داود، والنسائي، وأبو أحمد الحاكم، وابن عدي. وقال البخاري وأبو حاتم والساجي: «منكر الحديث». وقال ابن حبان: «كان ممن يقلب الأخبار والأسانيد ولا يعلم، ويُسند المرسل ولا يفهم، فلما كثر ذلك في حديثه وفحش استحقَّ الترك». ومما أنكروه عليه حديثُه عن سالم عن أبيه عن عمر رفعه: «من وجدتموه قد غَلَّ فأحرِقوا متاعَه» (٤) قال البخاري: «هوحديث باطل ليس له أصل».


(١) (٣/ ١٦٢).
(٢) «الموطأ» (٢/ ٨٣١) والبخاري (٦٧٩٥) ومسلم (١٦٨٦).
(٣) (٣/ ١٦٣). وضعَّفه الحافظ في «الفتح» (١٢/ ١٠٥).
(٤) أخرجه أحمد (١٤٤) وأبو داود (٢٧١٣) والترمذي (١٤٦١) وغيرهم، قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. ثم قال: وسألتُ محمدًا (أي البخاري) عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا صالح بن محمد بن زائدة، وهو أبو واقد الليثي، وهو منكر الحديث. قال محمد: وقد روي في غير حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغال، ولم يأمر فيه بحرق متاعه. وقال الجوزقاني في «الأباطيل» (٥٨٨): حديث منكر. وقال الدارقطني (كما في «العلل المتناهية» ٢/ ٥٨٤): أنكروا هذا الحديث على صالح، وهو حديث لم يُتابَع عليه، ولا أصل له في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي «علل» الدارقطني (٢/ ٥٣): أبو واقد هذا ضعيف.