للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجده من التناقض في كلمات ابن معين، كما تقدم في القواعد (١).

وأما الفَنْجابي الذي يخلع عليه الأستاذ لقب (المحدِّث البارع) وينوِّه بكتابه «نبراس الساري» الذي لا أجحد إفادته وإن كان يتمكن من ترتيبه الطالب العادي، فما يظهر من كلامه أن الدارقطني إنما يصحح ما يوافق مذهب الشافعي وإنما يضعف ما يخالفه، ليس كما قال. وقد تقدم ردُّ الدارقطني خبر مسح الرأس ثلاثًا، وهو موافق لمذهب الشافعي. وذكر (ص ٤٢) (٢) خبرًا فيه الأمر بغسل الإناء من ولوغ الهر فصحَّحه، وهو خلاف مذهب الشافعي. ولذلك نظائر لا أرى حاجةً لتتبعها.

وأما ما ذكره من اختلافِ ظاهرِ كلامه في ابن أبي ليلى، فذلك لاختلاف مقتضى الحال.

ينبغي أن تعلم أن كلام المحدِّث في الراوي يكون على وجهين:

الأول: أن يُسأل عنه، فيجيل فكره في حاله في نفسه وروايته، ثم يستخلص من مجموع ذلك معنى يحكم به.

الثاني: أن يستقرّ في نفسه هذا المعنى، ثم يتكلم في ذاك الراوي في صدد النظر في حديث خاص من روايته.

فالأول هو الحكم المطلق الذي لا يخالفه حكم آخر مثله إلا لتغير الاجتهاد. وأما الثاني فإنه كثيرًا ما ينحى به نحو حال الراوي في ذاك


(١) (١/ ١٠٦ - ١١٠).
(٢) (١/ ٦٣).