الظاهرة المتيسرة، فالظاهر ــ إن لم نقل: المتيقن ــ أنه علمه - صلى الله عليه وآله وسلم - بالوحي.
الرابع: أن في هذا كالإشارة إلى ردِّ ما في الأول من حال فارس والروم، فكأنه يقول: إن ضرر الغيل خفي، فلا يدفعه أن الظاهر من حال فارس والروم أنه لا يضر.
هذا، وقد عكس الطحاوي (١) رحمه الله ما تقدم، فذكر أنه ينبغي أن يكون حديث "لا تقتلوا أولادكم ... " كان أولًا، بناه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على ما تعتقده العرب، ثم تبين له بطلان ذلك الاعتقاد فقال:"لقد كنتُ هممتُ ... ".
وهذا كما ترى إن كنت ترى!
واعلم أن الأدلة على أن ظن الأنبياء في الأمور الدنيوية غير معصوم كثيرة، وفيما ذُكِر كفاية. ولو كان ظنهم معصومًا لما بقي لهم ظنٌّ، بل يكون علمًا.
فأما في الأمور الدينية، فإن كان خبرًا عن حكم شرعي، فهم معصومون قطعًا. فإذا جوّزنا أنهم قد يجتهدون فيها، ويخبرون عن اجتهادهم، فإنه إن جاز الخطأ في هذا فإن الله عز وجل لا يُقِرُّه، بل ينبِّههم فورًا على الخطأ، فإذا اجتهدوا وأخبروا ثم لم يقع تنبيه من الله عز وجل ثبت قطعًا صحة اجتهادهم وصدق ما قالوه يقينًا، والله الموفق.
الثاني: قال بعضهم: ومن المقطوع بصدقه أن يخبر إنسان بمرأى ومسمعٍ من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا ينكره عليه.