للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البخاري ما يلي: وإذا قرأت ما قاله الحافظ فيها رأيتها كلها في صناعة الفن ... ولكنك إذا قرأت الشرح نفسه (فتح الباري) رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالات في معانيها أو تعارضها مع غيرها مع محاولة الجمع بين المختلفات وحل للمشكلات بما يرضيك بعضه دون بعض).

أقول: السيد رشيد رضا وغيره يعلمون أنَّ في القرآن آيات يُشكل بعضُها على كثير من الناس، وآيات يتراءى فيها التعارض. والذين فسَّروا القرآن ــ ومنهم السيد رشيد ــ يحاولون حلّ ما يتراءى إشكاله والجمع بين ما يتراءى تعارضه (بما يرضيك بعضُه دون بعض). والقرآن كلُّه حقّ {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢]. فثبت بهذا أن ما ذكره السيد رشيد رضا في تلك الأحاديث لا تصلح دليلًا على البطلان.

هذا، وللاستشكال أسباب، أشدّها استعصاء: أن يدلّ النص على معنى هو حقّ في نفس الأمر لكن سبق لك أن اعتقدت اعتقادًا جازمًا أنه باطل.

وقال ص ٢٧٦: (وقال الدكتور أحمد أمين ... إن بعض الرجال الذين روى لهم [البخاري] غير ثقات، وقد ضعَّف الحافظ من رجال البخاري فوق الثمانين).

أقول: هذا الأمر يتراءى مَهُولًا، فإذا تدبَّرنا حالَ أولئك الثمانين واستقرأنا ما أخرجه البخاري لهم= اتضح أنّ الأمر هيِّن، وقد ساق الحافظ ابن حجر في «مقدّمة فتح الباري» (١) تراجم هؤلاء وما قيل فيهم من مدح وقدح، وما أخرجه لهم البخاري، فذكر في أولهم ممن اسمه أحمد تسعةَ نفرٍ اختلف فيهم، وغالبهم من شيوخ البخاري الذين لقيهم واختبرهم، فثلاثة منهم اتضح أنهم ثقات وأنَّ قَدْح مَن قَدَح فيهم ساقطٌ، كما تراه جليًّا في


(١) (ص ٣٨٤ ــ ٤٦٥).