دون ذلك فإنك لا تأمَنُ أن تكون شبهةً رجَّحَها عندك الهوى.
ومن علامات الهوى أن تجد نفسك تضيق وتنقبضُ إذا سمعت آية أو حديثًا احتجَّ به مخالفك وتتمنَّى أن تظفر بما تردُّ به احتجاجه، ومما تعرف به ميلك مع الهوى أن تنظر في نظائر حجتك وتأويلك فلعلَّك قد رَدَدْتَ مثلَ ذلك أو أقوى منه على مخالفك في تلك المسألة أو غيرها، وتنظر في نظائر حجة خصمك وتأويله فلعلَّك قد اعْتَمَدتَ على مثله أو دونه، والله الموفق.
وأما بذل الوسع ففي ثلاثة أمور:
الأول: تَعَرُّفُ الهوى، وتطهيرُ النفس منه، أو التحرُّزُ من اتِّباعه، وقد مضى.
الثاني: تقوى الله عزَّ وجلَّ والاستكثارُ من الطاعات واجتناب المعاصي والمكروهات، قال الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[الطلاق: ٢]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[الطلاق: ٤]، {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[الأنفال: ٢٩]، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}[أوائل البقرة]، والأدلَّة على هذا كثيرةٌ، وهذا الأمر متضمِّنٌ للأمر الأوَّل، وإنما أفردت الأوَّل لدقَّته وغلبة التقصير فيه، ومتضمِّنٌ للثالث كما يأتي.
الثالث: طلب العلم، وهو على درجاتٍ.
الدرجة الأولى: تحصيل الضروري من العقائد، وهو ما لا يكون الإنسان مؤمنًا إلا إذا كان معتقدًا له. وهذا أمرٌ ميسَّرٌ في الإسلام لولا ما كَدَّرَهُ من إذاعة الشُّبَه وإشاعة البدع حتى أصبح الخلاص منها صعبًا على العلماء فضلًا عن العامة.