للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتفاقًا (١)، ومثل هذا لا يُعقل أن يبقى مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ يجالسه، ويصلي معه، ويغزو معه سنة أو سنتين ولا يُحسِن الصلاة، فضلًا عن ست أو سبع سنوات!

وهذا واضح جدًّا، مستغنٍ عن قول ابن الكلبي: إن صاحب القصة استشهد ببدر (٢).

وإذا صحَّ النسخ فكأنه قبل الأمر بالفاتحة كان الواجب الحمد والثناء والتمجيد مطلقًا، ثم قراءة ما تيسَّر من القرآن؛ على ظاهر رواية إسحاق بن أبي طلحة (٣). ثم جمع الله تعالى لهم الأمرين في الفاتحة.

ولما علم رفاعة أو من بعده ذلك عبَّر تارةً بأصل الحديث، وتارةً بما آل إليه الأمر من فرض الفاتحة، وإنما زاد: "ثم اقرأ ما شئت" ظنًّا أنَّ الفاتحة إنما جاءت بدلًا عن الحمد والثناء والتمجيد.

وقد بيَّنت الأحاديث الأخرى الثابتة في الاقتصار على الفاتحة أنَّ الفاتحة جامعة للأمرين: الحمد والثناء والتمجيد، والقراءة.

ومما يبيِّن ما قدَّمناه: أنَّ أبا هريرة ــ راوي الحديث ــ مذهبه الذي كان يفتي به أنَّ الفاتحة بعينها واجبة، ولا يجب غيرها.


(١) هو خلَّاد بن رافع، كما في "الفتح" (٢/ ٢٧٧). وانظر "الإصابة" (٣/ ٣١١).
(٢) انظر "نسب معد واليمن الكبير" (١/ ٤٢٤). قال الحافظ في "الإصابة" (٣/ ٣١٠): لم يذكره في شهداء البدريين غيره.
(٣) التي أخرجها البخاري في "جزء القراءة" (ص ٢٤٥) وأبو داود (٨٥٨) والنسائي (٢/ ٢٢٥، ٢٢٦) وابن ماجه (٤٦٠) وغيرهم.