للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢/ ٨٨] فإن قيل: عدم استفصال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدل على أن القتل بمثل ذلك شبهُ عمدٍ على كل حال.

قلت: لم يُذكر في شيء من الروايات اختلافٌ من الخصمين في القتل أعمد أم شبه العمد؟ ولا في موجبه، بل تقدم في رواية أبي المليح عن حَمَل: «فقال حَمَل لعمران بن عويمر (أخي القاتلة) أدِّ إليَّ عقلَ امرأتي، فأبى، فترافعا». وفي روايته عن أبيه: «فقال عمران: يا نبي الله إنَّ لها ابنين هما سادة الحي، وهم أحقُّ أن يَعقِلوا عن أمهم». فقد اتفق الخصمان قبل الترافع وبعده على أن في القتل ديةً على العاقلة، وإنما اختلفا في العاقلة التي تلزمها الدية في الواقعة: الأخ أم الابنان؟ ومعنى ذلك اتفاقهما على أن القتل شبه عمد.

وافرض أن خصمين ترافعا إلى قاض، فقال أحدهما: إن أختَ هذا قتلَتْ أختي شبه عمد، وهو عاقلتها، فأطالبه بالدية. فقال الآخر: قد صدق، ولكنْ للقاتلة بنون وهم أحقُّ أن يعقلوا عن أمهم. ألا ترى أنه لا حاجة بالقاضي إلى السؤال عن صفة القتل، لتصادُق الخصمين على أنه شبه عمد، وإنما اختلفا في غيره؟

قول الأستاذ: «وقد أعلّ أبو حنيفة حديثَ الرضْخ، كما سيأتي».

أقول: في «تاريخ بغداد» (١٣/ ٣٨٧ [٤٠٣]) من طريق «بشر بن مفضَّل قال: قلت لأبي حنيفة ... قتادة عن أنس أن يهوديًّا رضخ رأسَ جاريةٍ بين حجرين، فرضخ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رأسه بين حجرين. قال: هذيان». فهل هذا إعلال؟!

قال الأستاذ (ص ٨٠): وأما حديثُ الرضخ، فمروي عن أنس بطريق هشام بن