للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين في أصنامهم، بل عادة الناس جميعًا في إطلاقهم على التمثال والصورة اسمَ من يرون أن ذلك تمثال أو صورة له. وبهذا التحقيق يتضح معنى آيات النجم، وقد أوضحتُ ذلك في كتاب «العبادة» بما يُثلج الصدر. والحمد لله.

[٢/ ٢٨٤] والمقصود هنا أن الذي يظهر من الآثار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما صارح المشركين بإبطال قولهم في الإناث التي يجعلونها آلهة من دون الله، ويزعمون أنها الملائكة، وأنها بنات الله، ويمثلون التماثيل بأسمائها ويعظِّمونها تعظيمًا لها، وصارحهم بتنزيه الله عن الولد= قالوا: انسُبْ لنا ربك، طمعًا منهم أن يجيبهم بما يستخرجون منه شبهةً يشُدُّون بها قولهم، فأنزل الله تعالى هذه السورة.

فأما تحقيق معناها، فلفظ «أحد» زعم ابن سينا ومن وافقه أنه الواحد من جميع الوجوه، المنزَّه «عن الجنس والفصل والمادة والصورة والأعراض والأبعاض والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما يثلم الوحدة الكاملة والبساطة الحقة». هذا ما نقلوه من عبارته المموهة. وهو ومن وافقه يوهمون أنهم إنما يجتهدون في تنزيه الله عز وجل، وهو في نفس الأمر بعيد عن ذلك، كما يُعلم من نفيهم صفاتِ الكمال عنه. وإنما غرضهم توجيه وجوب وجوده تعالى، أي وجوده من غير علة. وبعبارة أوضح في العقول الفطرية: توجيهُ وجوده من دون أن يُوجده موجِد. وذلك أن الفطرة والعقل قاضيان بأن الموجود من هذه الأشياء التي نراها لابد له من موجِد، وأنه مهما كان لبعضها صانع منها، فإن فوقها جميعًا ربًّا هو الموجِد الحقيقي. ولكن كثيرًا من النفوس لا تَقنَع بهذا حتى تقول: فهذا الموجِد الحقيقي من أوجده؟ فإن قيل: لا موجد له. قالت: وكيف وُجد من غير موجِد؟