وبهذا مع ما تقدّم عُلِمَ الجواب عن طعن بعض أهل الأديان في الإسلام؛ بأنَّه لم يشرع لأهله أن يتّخذوا يوم ولادة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو يوم بَعْثِه عيدًا.
وطعن بعضهم في القرون الإسلامية الأولى بذلك؛ لأنَّه لم يحدث الاحتفاء بيوم ١٢ ربيع الأول إلَاّ في القرن ...... (١).
فيقال لهم: إنَّ النِّعْمة كان حدوثها يومَ وُلِد - صلى الله عليه وآله وسلم -[ص ٦]، ويوم بُعِث؛ وأمَّا مثل ذلك اليوم من كل أسبوع، أو شهر، أو فصل، أو سنة= فلا يحدث فيه إلَّا تذكُّر النِّعْمة. وتذكُّر النِّعْمة لا يُحْدِث في النفس سرورًا دنيويًّا، يبعثها على إظهار الزينة حتى ينبغي أن نتّخذه عيدًا، وإنَّما يُحدِث فيها سرورًا دينيًّا يبعثها على شكر تلك النِّعْمة.
وقد شرع الله عزَّ وجلَّ لنا أقرب الأمثال لذلك اليوم، وهو مثله من كل أسبوع؛ أن نقوم بشكره عزَّ وجلَّ على تَينكَ النِّعمتين العظيمتين؛ بعبادةٍ خالصة عن حظِّ النفس، وهي الصيام الذي يناسب السرور الديني، فإن السرور الديني يبعث على الرغبة عن الدنيا.
وقد ذكَّرني هذا الاعتراض ما صحَّ أنَّ اليهود قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: آيةٌ في كتابكم معشرَ المسلمين لو علينا معشرَ اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]. فأجابهم الفاروق رضي الله عنه بأنَّها
(١) بياض في الأصل. ومعلوم أن ابتداء الاحتفال بالمولد كان في القرن السادس على يد السلطان المظفر كوكبوري صاحب إربل، والله المستعان.