للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبد الله بن عباس (١)، وعبد الله بن عَمْرو بن العاص (٢)، وغيرهم (٣).

والأخبارُ بأن الشمس سوف تطلع من مغربها متواترةٌ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومعنى ذلك أن ما يشاهَد الآن من سيرها ينعكس. فسكَّان هذا الوجه الذي كان فيه النبي [٢/ ١٨٥] صلى الله عليه وآله وسلم يرونها تغرُب في مغربها على العادة، ثم يرونها في اليوم الثاني طالعةً من مغربها. وأما سكان الوجه الآخر فإنها تطلع عليهم من مشرقهم على عادتها، ثم يرونها تسير إلى مغربها ما شاء الله تعالى، ثم ترجع القهقرى حتى تغرب في مشرقهم. وعلى زعم (٤) أن الأرض هي التي تدور، فإن دورة الأرض تنعكس، فيكون ما ذكر.

فأما إيمان الناس جميعًا، فوجهه ــ والله أعلم ــ أن النفوس مفطورة على اعتقاد وجود الله عز وجل وربوبيته، ومن شأن ذلك أن يسوق إلى بقية فروع الإيمان. وآيات الآفاق والأنفس تؤكّد ذلك، ولكن الشبهات والأهواء تغلب على أكثر الناس حتى يرتابوا فيتبعوا أهواءهم. فإذا طلعت الشمس من مغربها لحقهم من الذُّعْر والرعب لشدة الهول ما يمحق أثرَ الشبهات والأهواء، وتفزع النفوس إلى مقتضى فطرتها. قال الله تعالى في ركاب البحر: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ


(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٢١) وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٤٢٨).
(٢) أخرجه مسلم (٢٩٤١).
(٣) راجع "الدر المنثور" (٦/ ٢٦٨ وما بعدها).
(٤) كذا قال المصنف رحمه الله، ولعله من باب التقية، وإلا فكون الأرض تدور في الفضاء أصبح من الحقائق العلمية التي لا تقبل الجدل. وليس في الكتاب ولا في السنة نص ينافي ذلك، خلافًا لبعضهم. [ن].