الملك يوم الأحد ١٨ ذي الحجة سنة ١٣٧١" فلعل هذه البرقية كانت لاستكمال الإجراءات النظامية للاستقرار في مكة المكرمة.
نزل الشيخ في جدة أول الأمر، وعيّن مدرّسًا في مدرسة الأنجال لبعض الوقت براتب مجزئ، لكنه لم يستمر طويلا وطلب وظيفة أخرى أقرب إلى نفسه التواقة إلى العلم والتحقيق والبحث والمطالعة، فعيِّن أمينًا لمكتبة الحرم المكي الشريف في ١٨/ ٦/١٣٧٢ براتب أقل بكثير من سابقه.
قضى الشيخ في مكة خمسة عشر عامًا متفرّغًا للبحث والتأليف والتحقيق والتدريس، قائمًا بوظيفته في مكتبة الحرم خير قيام من مساعدة الباحثين وتدبير شؤون المكتبة. ويمكن أن نجعل الكلام في هذه المرحلة من حياة الشيخ في ناحيتين:
الناحية الأولى: حياته الاجتماعية
وقد استفدنا من رسائله إلى أخيه أحمد (وهي عشر رسائل) كشفَ بعض أحوال الشيخ الاجتماعية في هذه المدة.
وأول ما لمسته في هذه الرسائل العشر نوع من الارتياح النفسي لدى الشيخ، فكأن المقام طاب له، وكيف لا يطيب وهو بجوار حرم الله، يتقلّب بين أعطاف الكتب في مكتبة الحرم المكي الشريف؟!
ومع هذه الانفراجة فإن أموره الأخرى لم تتيسر له على ما يريد، فقد كتب إلى أخيه سنة ١٣٧٣ يقول له: "إلى الآن ما رسخت قدمي هنا، وعسى الله تعالى ييسر ذلك قريبًا".
وكرر ذلك في رسالة أخرى في العام نفسه قال: "وإذا يسر الله تعالى