استُشكل التعبير بـ (أنزلنا)، فزعم بعض الناس أن المراد بالحديد القرآن، لأن فيه شدة على الكفار والفسَّاق. وزعم أن قوله تعالى في داود:{وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}[سبأ: ١٠] المراد بالحديد فيه الكتاب أيضًا.
وربما تَوَلَّدُ شبهته هذه بما ورد في «الصحيح»(١) أن القرآن خفِّف على داود حتى كان يأمر بإسراج خيله ويشرع في القراءة فما تُسرج حتى يتمَّ القرآن. أو كما قال.
ويذهب بعضهم في الآية الأولى إلى أن الإنزال على حقيقته، والحديد على حقيقته. وقد ذكر أهل الهيئة أن الأرض في بعض أدوار تكوُّنِها نزلت إليها المعادن من حديد وغيره ذائبةً على صفة المطر وتسرَّبت في شقوقها.
والحقُّ أن الإنزال في هذه الآية مثله في قوله تعالى:{يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ}[الأعراف: ٢٦]، وقوله تعالى:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ}[الزمر: ٦].
فالحديد واللباس والأنعام إنما تكوَّنت بأمر الله عز وجل. وأمر الله عز وجل ينزل من فوق سبع سماوات حقيقةً.
(١) البخاري (٣٤١٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.