للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفرد الثقة بما لا يُقبل حُمِلَ على الخطأ واسترحتَ منه.

وإن كان المراد بالعقل ما يسمِّيه الناس «الهوى»، فليس لك أن تتبعه. فإن لم تستطع إلا اتباعه، فعلى الأقل لا تَرْمِ بِدائك مَن هو أقربُ إلى الحق منك. فإن صحَّ أن له هوى مضادًّا لهواك، فليس لك أن تلومه. هَبْ أن الناس أعطوك حكمَك أنَّ لك أن تتَّبِعَ هواك، وتُنكِرَ على من خالفك، فهل يبلغ من ذلك أن يَدَعُوك تنكر على مخالفك ما هو حقٌّ لا شبهة فيه، ولا يمكنك أن تجحده بقلبك وإن جحدتَه بلسانك، كأن يقال: أن المتنَين المرويَّين بهذا السند قد رُويا وما في معناهما من طرق أخرى قوية، قد ذكرتَها أنت أو بعضها في «تأنيبك»؛ بل لعل أحدهما متواتر التواترَ في اصطلاح أهل العلم، لا في اصطلاحك الخاصِّ إنْ حَسَّنَّا الظن بك؛ فإنك تطلق كلمة «متواتر» على ما يشتهر في كتب المناقب، وإن كان أصله مما لا تقوم به الحجة!

١٠٥ - سليمان بن عبد الحميد البَهْراني:

ذكر الخطيب من طريقه حكايةً في ترجمة محمد بن الحسن، فقال الأستاذ (ص ١٨٦): «مختلف فيه. يقول النسائي عنه: كذاب ليس بثقة».

أقول: قد أحسن الأستاذ بقوله: «مختلف فيه»، فإن سليمان هذا وثَّقه مَسْلمة. وقال ابن أبي حاتم (١): «هو صديق أبي كتب عنه، وسمعتُ منه بحمص، وهو صدوق». وروى عنه أبو داود وهو لا يروي إلا عن ثقة عنده، كما مرَّ في ترجمة أحمد بن سعد بن أبي مريم (٢). وذكره ابن حبان في


(١) «الجرح والتعديل»: (٤/ ١٣٠).
(٢) رقم (١٨).