للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنا؟» قال: نعم، قال: «فإنَّ الله قد غفر لك ذنبك» أو قال: «حدك» (١).

فيه أن الصلاة تكفّر الذنوب مطلقًا وإن كانت كبائر.

فإن قيل: إن هذا جاء تائبًا فلعل المغفرة إنما كانت للتوبة.

قلتُ: يدفعه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «أليس قد صليت معنا؟» فلما قال: نعم، قال: «فإن الله ... » الخ، فدل أن المغفرة كانت بسبب الصلاة فقط لترتيبها عليها بالفاء. نعم، يمكن أن يقال: إن الصلاة التي تكفر الكبائر هي التي تكون معه - صلى الله عليه وآله وسلم - بدليل قوله: «أ [ليس قد] صليت معنا؟» ولكنه قد يُدفع بأنه إنما يتم ذلك لو قال: أليس قد صليت معي، فأما قوله: «أليس قد صليت معنا؟» فالمراد به ــ والله أعلم ــ معنا معشر المسلمين.

نعم، المفهوم منه أن الصلاة التي تكفّر الكبائر هي ما كانت جماعة لأنها هي التي تكون مع المسلمين، فلا تدخل الصلاة منفردًا، والله أعلم.

فأما حديث: «الصلوات الخمس، [والجمعة إلى الجمعة] كفّارات لما بينهنَّ ما اجتنبت الكبائر» (٢)، فإنما فيه أن أصل الصلوات الخمس لا يجب أن تكون مكفرة للكبائر، فلا يلزم أنها إذا كانت جماعةً كفَّرْتها، وهو الذي يدل عليه الحديث الأول.

بقي أن يقال: لعلّه - صلى الله عليه وآله وسلم - اطلع على أن الذنب صغير، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر.


(١) رقم (٦٨٢٣).
(٢) أخرجه أحمد (٨٧١٥) بهذا اللفظ، وهو في «صحيح مسلم» (٢٣٣) بنحوه.