للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القياس]

قد أغنانا الله تبارك وتعالى عن القياس في هذه المسألة ــ أعني مسألة حرمة الزيادة المشروطة في القرض ــ بالنصوص الواضحة من الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين وإجماع الأمة، مع أننا قد بينا في القسم الأول مطابقة ذلك للعقل الصحيح والمصالح الحقيقية.

ولكن صاحب الاستفتاء تعرَّض للقياس الذي استند إليه بعض الفقهاء ممن لم يكلِّف نفسَه تدبُّرَ الكتاب والسنة، ثم ردَّه صاحب الاستفتاء زاعمًا أنه بذلك قد أثبت أنه لا يوجد دليلٌ صحيح على حرمة الزيادة المشروطة في القرض وأنها ربًا.

فرأيتُ أن أتعرض لذلك عملًا بالمثل المشهور في اليمن: «اتبع الكذابَ إلى باب بيته».

ذكر عن الكاساني (١) أن الزيادة في القرض تكون ربًا قياسًا على بيع الشيء بجنسه متفاضلًا.

وعن ابن رشد (٢) أنها ربًا قياسًا على ربا الجاهلية، وهو أن يكون للرجل على آخر دينٌ إلى أجل، فإذا حلَّ الأجل قال: إمّا أن تقضي وإمّا أن تُربي، فيمدُّه في الأجل ويزيد على الدين.

ودفع صاحب الاستفتاء القياس الأول بأن بينهما فرقًا، وهو أن البيع


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٩٥).
(٢) «المقدمات الممهدات» (٣/ ١٤٩).