للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا حملت الآية على هذا تعين حمل الظن في الآية على الشبهات المذكورة. وقال تعالى: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [المؤمن: ٥].

وأما الثالث، وهو ما ثبت بالبراهين القطعية، فمحاولة الإنسان دفعه بالظن يكون على أوجه:

منها: نحو ما تقدم في الأول، وفي الثاني؛ لأن من يحاول دفع اليقين أو البراهين اليقينية فقد حاول دفع ما يترتب عليها. وذلك كبطلان الشرك، فإن من استيقن بطلانه، ثم عرضت له شبهة فحصل له بها ارتياب، فحاول أن يدفع به اليقين، فقد حاول بذلك دفع ما يترتب على ذلك اليقين من بطلان الشرك. وكذلك من كانت عنده شبهة فحاول أن يدفع بها البراهين المثبتة لبطلان الشرك، فقد حاول دفع ما ثبت بتلك البراهين من بطلان الشرك.

ومنها: أن يكون الرجل على أمرٍ وعنده شبهة فيه، فيبلغه أن داعيًا دعا إلى خلافه، وأنه يزعم أن عنده براهين قطعية، فيعرض الرجل عن ذلك قائلًا: أظنه كاذبًا، وأظن ما أنا عليه حق، فإن كان في نفس الأمر صادقًا فأنا معذور لظني هذا، فلا يلزمني ما يدعو إليه.

وتضعف شبهة هذا إذا قامت قرينة على صدق الداعي، وقد يكون من هذا قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى: ١٦].

وأما الرابع، وهو العذاب، فيعرف حاله مما تقدم في الرابع (١).


(١) كذا في الأصل.