للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة الرعد]

قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ} [٣٣].

الباء في قوله: «بما» تحتمل وجهين:

الأول: أن تكون للمصاحَبة. والمُنَبَّأُ به محذوف، على مثال قوله تعالى: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام: ١٤٣].

والمعنى: أتنبئون الله بهذا النبأ (أي: أنَّ له شركاء) مع علمٍ عندكم لم يعلمه الله تعالى موجودًا في الأرض عندكم ولا عند غيركم؟ أم مع قولٍ ظاهر، وهو ما سمعتموه من آبائكم؟

والثاني: أن تكون الباء لتَعْدية «نَبَّأ». وعليه، فَـ «ما» في قوله: «بما» ليست كناية عن الشركاء؛ لأنه إنما يقال: نَبَّأتُه بكذا وكذا من الأخبار؛ لأن (نبَّأ) بمعنى (أخبر)، فالمنبَّأ به إنما يكون نبأً، أي خبرًا، كقوله تعالى: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: ٣٦]، [{أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: ٤٥]] (١)، {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: ٩٤]، {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} [التحريم: ٣].

ولا تُعدَّى الباء إلى الذوات، إلا على ضربٍ من المجاز إذا دلَّت عليه القرينة. كما إذا استأذن رجل على أمير فذهب الحاجب فأخبر الأمير ثم


(١) الأصل: «فلما نبأهم بتأويله» سبق قلم.