وقد يؤيَّد هذا الرأي بأنه إن وقع في النسخة الأصل أوفي إحدى النسخ خطأ، فالغالبُ أنه من النساخ، لبعدِ أن يكون من المؤلف، وأيُّ ضرورة إلى بيان خطأ النساخ؟ وعلى فرض أنه من المؤلف، فهو خطأ على كل حال، والمقصود إنما هو الصواب. وإذا ظفر المطالع بالصواب، فأيُّ حاجة به إلى أن يعرف أنه وقع للمؤلف هناك خطأ؟
وهذا الرأي دون ما قبله في الفساد، بشرط أن يكون المصححون من أهل العلم والمعرفة والاحتياط والتثبت.
على أنه قد يقال: لو كانوا كذلك لكثر تنبيههم في الحواشي على ما وقع في النسخة الأصل أو إحدى النسخ، لأن النسخ القلمية لا تخلو عن إهمال النقط والاشتباه والخطأ والاختلاف، وكثير من ذلك يتردد فيه نظر العالم المتثبت.
ومن المحال عادةً أن يحصل القطع بالصواب في جميع الكتاب، كيف، ولا يخلو كتاب من الكتب المذكورة من عدة مواضع طبعت على ما هو غلط في نفس الأمر، وعند المؤلف؟
فالرأي السديد: أن يراعى في التصحيح الوجوه الثلاثة: ما في النسخة، وما عند المؤلف، وما في نفس الأمر، على ما يأتي إيضاحه.