[ل ١٤/ب] الحمدُ لله الذي أوضَحَ سبيلَ الهدى ودلَّ عليه، وبيَّنَه وأرشَدَ إليه. وأقامَ الحجةَ على العالمين، وبيَّن المحجَّة للمهتدين والظالمين. وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ سيِّدنا محمدًا عبدُه ونبيُّه، بالهدى ودين الحق أرسَلَه. اللهمَّ فصلِّ وسلِّم على هذا النبيِّ الكريمِ سيِّدِنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أفضلَ صلاة وتسليم.
أما بعد ــ عبادَ الله ــ أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عبادَ الله، فيعمَّكم بنعمه الباطنة والظاهرة، ويُذهبَ عنكم الحزنَ في الدنيا والآخرة. وانتهُوا عما نهاكم الله عنه، لِيُفيضَ عليكم فضلَه العميمَ، وينشُرَ عليكم حُلَلَ النعيم.
عبادَ الله، إنَّ المعاصي تُزيل النِّعَم، وتَستنزِل النِّقَم، وإنَّ النقمةَ إذا نزلَتْ قلَّما ترفعها إلا التوبةُ عن أسبابِها. فكيف نستعجِلُ رحمةَ الله ولا نتوب، ونُنكِر بُطْئَها ولا نُقلِعُ عن الذنوب؟
{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: ٥٦]. ولو استقمتم على الطريقة لأسقاكم ماءً غَدَقا، كما جاء في كتابه المبين (١). فاتقوا الله ــ عبادَ الله ــ فأقلعِوا عن الذنوب، واغسِلوا أوساخَ القلوب، وابكُوا على خطاياكم التي هي سببُ البلاء، وطهِّروا صدورَكم من الحسد والشحناء. وتآمروا بالمعروف، وتناهَوا عن المنكر، وأكثِروا من الصدقات، وأقلِعوا عن الموبقات، وسارِعوا بالخيرات؛ فإنَّ الحسناتِ يُذهبن السيِّئات.