للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرق واضح بين أجير يقول لمؤجِّره: أعط غيري من أجرائك ما شئت، وزدهم ما شئت، لكني أسألك أن تعطيني أكثر مما تعطيهم. وآخر يعطيه سيده أجره، فيقول: أسألك أن لا تعطي أحدًا غيري إلا أقل مما أعطيتني. [ص ٧] وإذا كان الملك بحيث لا ينبغي لأحد غيره عليه السلام، فقد أمن أن يتغلب عيه متغلب.

وقد يكون الواقع هو هذا أو نحوه، ولكن اليهود تناقلوا القصة، وزادوا فيها ونقصوا على عادتهم، فزعموا أن ذلك الجسد شيطان وأنه وأنه ...

[تدبر]

كما أن الله تعالى إنما ذكر هذه القصة في كتابه لحكمة بالغة، فكذلك هذا الإجمال الذي نراه لا بد أن يكون لحكمة بالغة.

فأما ذكر القصة، فيظهر من فوائده الكف عن القنوط، وعن احتقار من أذنب ثم تاب، وعن الغلو في الاعتقاد أو التعظيم، وعن الغلو في تقليد العلماء.

وبيان ذلك أنه يعلم من القصة أن الزلّة لا تُقصي صاحبها عن بلوغ أعلى درجات الفضل إذا تاب وأناب، وأن الأنبياء عباد الله فقراء إليه، لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، وأنه قد يقع من أحدهم ــ فضلاً عمن دونهم ــ ما لا ينبغي لغيره الاقتداء به فيه. فأما هم فإنه إن وقع من أحدهم شيءٌ من ذلك فلا بد أن يعقبه بيان أنه ليس مما يشرع فيه الاقتداء، وأما من دونهم من العلماء والصالحين، فلا يعرف زللهم إلا بالعرض على الكتاب والسنة.