للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه وتمسكنًا، كما روي أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما دخل [مكة] يوم فتحها دخل وذقنُه على

رحله متخشِّعًا (١). فالتالي الممتلئ خضوعًا وتذللًا إذا جاء إلى قوله: {نَعْبُدُ} ورأى ما في ظاهر الكلمة من مظهر العظمة زاده ذلك خضوعًا وتخشُّعًا، كأنه يقول في نفسه: ومَنْ أنا! ومَنْ أكون!

وهذه وكثير من أمثالها من مُلَح العلم، والذي ينبغي اعتماده أن السورة تعليم من الله عزَّ وجلَّ لعباده، فكأنه قال لهم: قولوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} إلخ، كما مرَّ عن ابن جرير، فجاء "نعبد ونستعين" على حسب ذلك.

وإذا قال العبد مع ما صار فيه من حال الخضوع والخشوع: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، وقد سبق أنها بمعونة المقام تدلُّ على التزام العبادة لله تعالى دون غيره في المستقبل، علِمَ ما هو عليه من الضعف والعجز والظلم والجهل، فاضطُرَّ إلى أن يقول:

" {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

فينشئ بهذه الجملة استعانة بربه دون غيره على ما التزمه من العبادة.

وفي "الكشاف" (٢): "والأحسن أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة، ويكون قوله تعالى: {اهْدِنَا} بيانًا للمطلوب من المعونة، كأنه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا: اهدنا الصراط المستقيم، وإنما كان أحسنَ لتلاؤمِ


(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٤٣٦٥) ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٦٨ - ٦٩) من حديث أنس، وقال: "صحيح على شرط مسلم"، وسكت عنه الذهبي. وأصله في "صحيح البخاري" (١٨٤٦).
(٢) (١/ ١٥).