للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضَّالعي، يدعو الناس إلى وحدة الوجود، وهي: اعتقاد أنَّ هذه الموجودات كلَّها عين الحقِّ، وأن لا خَلْقَ أصلًا، فتعجَّبتُ لذلك غاية العجب؛ حيث إنَّ هذا الرجل المسمَّى السيِّد حسن الضَّالعي قد اتَّفقت به منذ سبع سنوات في صَبْيَا، قرية من قرى اليمن، مشهورة، وأخبرني أنَّه طاف البلاد، ولا مصر إلَّا ودخله، واتفق بعلمائه وصلحائه، واجتمعنا في صَبْيَا نحو ثلاثة أشهر.

وفي تلك المدَّة كلِّها ونحن نتذاكر العلوم، حتى بيَّن لنا طريقته التي هو عليها كتب الشيخ محيي الدِّين بن عربي، وكتب عبد الكريم الكيلاني، مؤلِّف كتاب "الإنسان الكامل" (١).

وأنَّه معتقدٌ معتقداتهم، في أنَّ هذا الوجود وما فيه من المخلوقات كلّها عين الحقِّ متنوّع بزعمه، وأن لا خلق أصلًا، وأنَّ هذه المخلوقات كلَّها عين الحق تنوّع ذاته، فتارة يجعلها جبالًا، وتارةً يجعلها ريحًا، وتارةً يجعلها بحارًا، وهكذا، فما هناك خلقٌ أصلًا".

فانْبَهَرتُ من هذا الاعتقاد الخبيث، فقلت: يا سيِّد حسن، هذه وحدة الوجود، التي أجمعت الأمَّة كلُّها على كفر أهلها ومنتحليها [ص ١٦] ومعتقديها.

بل معتقد ذلك كافرٌ بالقرآن من أوَّله إلى آخره؛ لأنَّ القرآن مصرِّحٌ بأنَّ العالَم وما فيه خَلْقُ الله، قال الله جلَّ ذكرُه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: ٦٢]، وقال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعام: ١]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ


(١) يقصد كتاب "الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل" لعبد الكريم الجيلي.