للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: أما أن يخبر رجل بحضرته - صلى الله عليه وآله وسلم - بأمر ديني، بحيث يظهر أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما سكت تصديقًا له؛ فهذا حق. وذلك كما روي أن جماعة اختلفوا في القراءة، فذهبوا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فأخبروه، وكان عنده علي رضي الله عنه، فقال لهم علي: يقول لكم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - (١) ....

وأما غير ذلك، ففيه نظر. ولاسيَّما إذا احتمل كونه - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يعلم الواقعة، أو يظنها كما ذكر المخبر.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يشك في ابن صياد أنه الدجال؛ لعلامات كانت فيه، فقوي ظنُّ عمر بذلك، فحلف بين يدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن ابن صياد هو الدجال، ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - (٢)، ثم جاءت أحاديث تدلُّ أنه تبيَّن للنبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد ذلك أن الدجال غير ابن صياد (٣).

الثالث: وذكروا من المقطوع بصدقه: المتواتر.

قالوا: وهو خبر جماعة يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب عن أمر محسوس.

وذلك حق لا ريب فيه، ولكن أشار بعضهم إلى أن هذا ــ أعني المتواتر ــ والخبر الذي يفيد العلم بمعونة القرائن شيء واحد.


(١) بعده بياض في الأصل .. والحديث أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٧٤٧) والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٢٣، ٢٢٤) من طريق زر عن ابن مسعود مطولًا. وفيه: "فقال علي: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما عُلِّم، فإنما أهلك من قبلكم الاختلاف".
(٢) أخرجه البخاري (٧٣٥٥) ومسلم (٢٩٢٩) من حديث جابر بن عبد الله.
(٣) انظر "الفتح" (١٣/ ٣٢٦ - ٣٢٩).