هذا وقد قال الله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}[الأنعام: ٩٣].
وقد حقَّقنا هذا المعنى في "رسالة العبادة"، والحمد لله.
القسم الثاني: من يشكُّ في بدعته، أمِنْ دين الإسلام الذي بلَّغه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - عن ربِّه أم لا؟ ولكنَّه يجزم بأنَّها ممَّا يحبُّه الله ويرضاه، وحُكْمُه كالأول.
القسم الثالث: من يجزم بأنَّ بدعته من دين الإسلام الذي بلَّغه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولكن ليس عنده برهان على ذلك، وهذا على أضْرُب:
الضَّرْب الأول: المجتهد الذي قامت عنده شُبْهَةٌ هي من جنس الأدلة المقرَّرة في الشريعة، على ما هو مفصَّل في أصول الفقه، ولكن اختلَّ شرط من شروطها، ولم يعلم باختلاله، أو قام لها معارض ولم يعلم به ونحو ذلك، وقد بَحَثَ ونَظَرَ بقدر وُسْعِه، وذلك كأن يبلُغَه حديثٌ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فينظر في سنده فيراه مستجمعًا لشروط الصِّحة أو الحُسْن، ويتدبَّر الكتاب والسُّنة فلا يجد له معارضًا، ولم تكن الأمة أجمعت على خلافه= فيقول به.
ويطَّلِع غيرُه على ما خفي عليه، إمَّا على قدحٍ في أحد الرُّواة، أو على عِلَّةٍ تُوْهِن الحديث، أو على دليل آخر يعارضه، أو على أنَّه ليس ظاهرًا في المعنى الذي فهمه ذاك.
فالأول معذور مأجور، اللهم إلَّا أن يُنَبَّه على خطئه فيُصرَّ ويستكبر، فهذا هالك لا محالة.
وفي حكم المجتهد من قلَّده عارفًا لدليله، فإن كان المقلِّد يرى صحَّة