للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موارد استعمالها.

فإن زعم زاعمٌ أنها تستعمل على الوجه الأول أيضًا قلنا له: هب أنّ ذلك كذلك؛ إلَاّ أنها في حديث الفاتحة على الوجه الثاني؛ بدليل الأحاديث الكثيرة في تعين الفاتحة، والإجماعِ على ترك القول بأنَّ الواجب إما الفاتحة وإما سورة أكبر منها أو بعض سورة يكون أكبر منها، والله أعلم.

ثم ذكر الشارح حديث أبي داود (١) عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد: "أُمِرْنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسَّر"، وذكر ما يطعن به على هذا الحديث من أنَّ قتادة مدلِّس، وقد عنعن، وأجاب عنه بأنَّ أبا مسلمة قد رواه عن أبي نضرة.

وذكر ما يدفع به هذا الجواب؛ من أنَّ أبا مسلمة روى الحديث موقوفًا (٢)، وأجاب عن هذا الدفع بما معناه: أنَّ رواية قتادة بيَّنت كون الحديث مرفوعًا، ورواية أبي مسلمة بيَّنت أنَّ أبا نضرة حدَّث بهذا الحديث؛ فكل من الروايتين تَجبُر ما في الأخرى من الخلل.

وهذا جوابٌ عجيبٌ، وردُّه واضحٌ؛ وهو أنه إذا ثبتت رواية أبي مسلمة عن أبي نضرة فإنما يثبت بها أنَّ أبا نضرة روى هذا الحديث موقوفًا، ورواية قتادة لا يثبت بها شيءٌ؛ لأننا لا نأمن أن يكون قتادة سمع الحديث من رجل ضعيف، وهذا الضعيف سمع هذا الحديث من أبي نضرة موقوفًا، كما سمعه أبو مسلمة؛ ولكنه زاد الرفع من عنده كذبًا أو غلطًا.


(١) رقم (٨١٨). قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ٢٤٣): سنده قوي.
(٢) انظر "العلل" للدارقطني (١١/ ٣٢٥).