فهذا الدرهم ظلم وباطل، ولا مُلْجِئ ههنا إلى اعتبار [ ... ] إنما اعتبر في البيع للخفاء، وعدم الانضباط في الطريقين الأخريين، وما ينشأ عنهما من المفسدة [ ... ] غير موجود في القرض.
[ ... ] يحاول بها إثبات أن الربا ليس بظلم. [ ... ] رضا، ويقول بعضهم: أرأيت لو وهب الرجل ماله لآخر، فأخذه، أيكون الأخذ ظلمًا؟
[والجـ]ـواب: أن الرضا هنا ليس كالرضا في الهبة، [ألا] ترى أن الرجل لا يأخذ بالربا إلا مضطرًّا، ولو وجد من يعطيه بغير ربًا لما أخذ من المُرِبي، ولو خيَّره [المـ]ـقرض بين أن يعطي ربًا أو لا يعطي، لاختار عدم الإعطاء.
فإن قيل: ولكن الرضا هنا كالرضا في البيع سواء، فإن البائع في المثال المتقدم لو خيَّر المشتري بين أن يعطي عشرة أو عشرين، لاختار العشرة، ولو خيّره المشتري بين أخذ عشرين أو ثلاثين، لاختار الثلاثين.
والجواب: أننا قد قررنا الفرق آنفًا، وهو أنه كان مقتضى العدل في البيع اعتبار الطريقة الثالثة، فإن لم تكن فالثانية، ولكن لخفائهما وعدمِ انضباطهما وما ينبني عليهما من المفاسد نِيطَ الحكم بالرضا. وهذا المعنى منتفٍ في القرض.
فإن قيل: فإنه يوجد في القرض ما يُشبِه هذا المعنى، وهو أن المنع من الربا يؤدي إلى امتناع الناس عن الإقراض.
قلنا: فقد مضت قرون زاهرة على المسلمين لم يمتنعوا فيها عن القرض بدون رِبا.