واعلم أن الاختلاف قد يقع بين موضعين من النسخة، أو بين نسخة ذلك الكتاب ونسخة كتاب آخر للمؤلف، أو لغيره. وهذا على أوجه:
الأول: أن يتبين للمصحح أن كلا الوجهين صواب في نفس الأمر وعند المؤلف فيما يظهر، فلا حاجة للتنبيه على الخلاف؛ إلا أن يخشى أن يظن من يطالع الكتاب ويطلع على الخلاف أن أحد الوجهين خطأ، فيحسن أن ينبِّه على الخلاف وعلى أن كلا الوجهين صواب، ويشير إلى الحجة في ذلك.
الثاني: أن يتبين له أن ما وقع في ذلك الموضع من النسخة صواب في نفس الأمر وعند المؤلف، وما وقع في الموضع الآخر أو الكتاب الآخر للمؤلف، أو لغيره خطأ= فهذا أيضًا لا حاجة للتنبيه [عليه] إلا أن يخشى أن يتوهم كثير من المطالعين أن ما وقع في ذلك الموضع هو الخطأ.
الثالث: أن يكون ما وقع في ذلك الموضع خطأ في نفس الأمر وعند المؤلف، فعليه في هذا إثبات الصواب، والتنبيه على ما وقع في النسخة في ذلك الموضع، ويذكر الحجة على صواب ما أثبته في نفس الأمر وعند المؤلف= فيحتاج هنا إلى ذكر ما وقع في الموضع الآخر أو في الكتاب الآخر، ولا يلزمه استيعاب المظانِّ كلِّها بل يكفيه ما يرى أن الحجة تقوم به.
الرابع: أن يشتبه عليه الأمر، فيشكَّ أي الوجهين الصواب، ولايهتدي
(١) كتب قبل الكلام الآتي من (٤/أ): "بعد ثلاث صفحات"، فلعله أراد تقديم هذا الفصل عليه.