ما نقل عن الحافظ في "الفتح"، وعقَّب عليه بأنه ليس المراد من إطلاق "أوتر بواحدة" و"أوتر بثلاثٍ" الاقتصار عليها بدون سبق غيرها، كما يدلُّ عليه صنيع الإمام النسائي في سننه. ثم حقَّق الكلام على حديث:"لا توتروا بثلاث" وبيَّن صحته، ثم ذكر أن النهي عن التشبيه بصلاة المغرب هل هو فيما يتعلَّق بالكمّ وحده أو بالكيف وحده أو بهما معًا؟ ورجَّح أن الحديث باللفظين (اللذين أوردهما) نصٌّ أو ظاهرٌ في إرادة الكم، فلو اقتصر في ليلةٍ على ثلاث ركعات عدا سنة العشاء والفجر فقد شبَّه، سواءٌ وصلها بتشهدٍ واحد أو تشهدين، أو فَصَلَها بزمن قصير أو طويل.
وفي النهاية لخَّص كلامه في الفصلين، فقال: لابُدَّ أن يتقدم الواحدةَ شَفْعٌ غير سنة العشاء، كما يدلُّ عليه سياق حديث:"صلاة الليل مثنى مثنى". وهذا الشَّفع الذي يتقدم الواحدةَ لابدَّ أن يكون أربعًا فأكثر، نظرًا لحديث:"لا تُوتِروا بثلاثٍ، أو تِروا بخمسٍ ... ". فتقرر أنه لابدَّ أن يُصلّي الإنسان بعد سنة العشاء وقبل سنة الصبح خمسًا على الأقل.
وبهذا ينتهي هذا البحث المتعلق بالاقتصار على الواحدة أو الثلاث في الوتر. ووجدنا في المخطوط ثلاثة أوراق تتعلق بالموضوع، فألحقناها في آخر الرسالة، ولم نجد تتمة الكلام الموجود فيها.
[٩ - مبحث في الكلام على فرضية الجمعة وسبب تسميتها]
توجد ثمان صفحات بخط الشيخ في مكتبة الحرم المكي برقم [٤٦٩١]، وهي أوراق مفرقة كتبها الشيخ في أوقات مختلفة، تتناول الكلام على فرضية الجمعة، وتاريخ نزول سورة الجمعة، وبيان المراد بقوله:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ}، وسبب تسمية الجمعة، ودراسة ما ورد في هذا الباب من