صلى الله عليه وآله وسلم أن يُرَدَّ لقولِ أحدٍ غيرِه".
هذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول: "ومَن قال منهم ــ أي الصحابة رضي الله عنهم ــ قولًا لم يَروِه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يجزْ لأحدٍ أن يقول: إنما قاله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يجز أن نذكره عنه إلّا رأيًا له ... " إلخ. وبالضرورة إن جميع الأئمة هكذا، فلا يجوز أن يُردَّ الدليلُ الصحيح بخلافِهم له واحتمالِ أن يكون ثبت لديهم أرجحُ منه. والله الموافق.
[ص ٤٥] السؤال الثاني: قولكم: "أأنتم أعلمُ أم الأئمة الذين جاءوا بعدهم ــ أي بعد الأئمة الأربعة ــ مقلِّدين لهم؟ ".
فالجواب: أن العلماء الذين جاءوا بعد الأئمة الأربعة ثلاثة أقسام:
ففيهم الكثير الطيب أئمة مجتهدون، حتى من الذين يظنُّ الناس أنهم مقلِّدون، حتى لقد عَدَّ أهلُ كلِّ مذهبٍ كثيرًا من المجتهدين في عِدادِ المقلِّدين لإمامهم تكثيرًا للسواد، حتى تنازعت المذاهب الأربعة إمامَ السنة محمد بن إسماعيل البخاري، فعدَّه أهلُ كلِّ مذهب في المقلِّدين لإمامهم، ولا يخفى على أحدٍ أنه كان مجتهدًا مستقلًّا، فكم في "صحيحه" من ردٍّ على كلِّ مذهب منها. ومن طالع مصنَّفات أولئك العلماء عرفَ الحقيقة.
القسم الثاني: قوم منتسبون إلى مذاهب الأئمة، وهم مع ذلك مجتهدون، كما مرَّ فيما نقلناه عن السيوطي، وقد قال الشيخ أبو إسحاق: إن أصحاب الشافعي رحمه الله تعالى من هذا القسم. ومرَّ عن القاضي عبد الوهاب المالكي نحوه.