للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومحارب بن دثار وأبي الزبير أنه كان يرفع يديه ... ". وروى البخاري في "جزء رفع اليدين" (١) عن مالك أن ابن عمر كان إذا رأى رجلًا لا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع، رماه بالحصى.

وإذا ترك ابن عمر الرفع في بعض صلاته سهوًا أو ضعفًا لم يصدق عليه مع ما تواتر عنه من الرفع أنه لم يأخذ بالحديث، فكيف والذي في تلك الحكاية إنما هو نفيُ الرؤية لا نفيُ الرفع، ولا تلازمَ بين النفيين، كما سلف!

ومع هذا كله، فأبو بكر بن عياش عندهم سيئ الحفظ، كثير الغلط. ولم يخرِّج له البخاري في "الصحيح" إلا أحاديث ثبتت صحتها برواية غيره، كما تراه في "مقدمة الفتح" (٢). ولم يخرج له مسلم شيئًا إلا أنه ذكر في "المقدمة" (٣) عنه عن مغيرة بن مِقْسم قال: "لم يكن يصدُق على عليٍّ رضي الله عنه في الحديث عنه إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود". فلو كانت روايته هذه مخالفةً لما ثبت برواية الجماعة عن ابن عمر لوجب ردُّها، كما لا يخفى.

وأما الأمر الخامس ــ وهو قول الأستاذ: "ودعوى أحد الفريقين التواتر في موضع الخلاف المتوارث غير مسموعة" ــ فكأن الأستاذ انتقل ذهنه من


(١) (ص ٥٣) عن نافع لا عن مالك. وقد أخرجه أيضًا كذلك الحميدي في "مسنده" (٢/ ٢٧٧) والدارقطني (١/ ٢٨٩) والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص ٢١٨) وعبد الله في "مسائل الإمام أحمد" (ص ٧٠) وعنه ابن عبد البر في "التمهيد" (٩/ ٢٢٤). ولعل المؤلف اعتمد على "الفتح" (٢/ ٢٢٠)، ففيه: "عن مالك" سهوًا.
(٢) "هُدى الساري" (ص ٤٥٥).
(٣) (١/ ١٤).