للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم مَنْ كان صلَّى ركعتين فأكثر، تكلَّم حتى يأخذ في الخطبة، فإذا أخذ فيها أنصتَ، استدلالًا بما حكيتُ، ولا يُنهى عن الصلاة نصفَ النهار مَن حضر الجمعة» اهـ.

والظاهر أنَّ الإمام اعتبر ما دلّت عليه الآثار إجماعًا، وذكر الحديث المذكور استئناسًا؛ إذ لعلَّه إن كان إسناده ضعيفًا يكون صحيحًا في نفس الأمر، ويكون هو مستند الإجماع.

وأمَّا الإمام مالك فإنَّ عمل أهل المدينة حُجَّةٌ عنده.

وإذا تقرَّر ما ذُكِرَ عرفتَ أنَّ التنفُّل يوم الجمعة قبل الاستواء مُرغَّب فيه، وكذا عنده؛ لأنَّ فِعْلَ الصَّحابة ــ الذي رواه الشافعي وغيره ــ لا أقلَّ من أن يكون مرجِّحًا لإطلاق الحديثين السابقَيْن وغيرهما، مع ما انضمَّ إلى ذلك مما مرَّ.

والصلاة في ذلك نفْلٌ مطلق قطعًا؛ لكونها واقعةً قبل دخول وقت الجمعة على ما عليه الجمهور.

[ص ٣] الأمر الثاني: تحقيق وقت الجمعة.

ذهب الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه إلى أنَّ وقت الجمعة يدخل قبل الزوال، واسْتُدِلَّ لهما بحديث «الصحيحين» (١) عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «ما كنَّا نَقِيلُ ولا نتغدَّى إلا بعد الجمعة»، هذا لفظ مسلم (٢).


(١) البخاري (٩٣٩) ومسلم (٨٥٩).
(٢) وهو لفظ البخاري أيضًا.