للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقدِّموا الأول، ويخطِّئوا الثاني. هذا مثال، ومن راجع كتب علل الحديث وجد من هذا ما لا يُحصى.

هَبْ أن الحقيقة تُقدَّم على المجاز في الروايتين المتنافيتين، فإنما لا يبعد ذلك جدًّا، حيث لا يوجد للرواية الأخرى مرجِّح قوي. وليس الأمر هاهنا كذلك، بل مَن تتَّبع الرواياتِ وجد الأمر بغاية الوضوح.

وشرح ذلك أن الحنفية يتشبثون بأربعة أشياء:

أولها: حديث مُجمِّع، والجواب عنه أنه من رواية مُجمِّع بن يعقوب بن مجمِّع عن أبيه بسنده. وفي «سنن البيهقي» (ج ٦ ص ٣٢٥) أن الشافعي قال: «مجمِّع بن يعقوب شيخ لا يعرف».

أقول: أما مجمِّع، فمعروف لا بأس به. فلعل الشافعي أراد أباه يعقوب بن مجمِّع، ففي «نصب [٢/ ٦٨] الراية» (١) عن ابن القطان: «علة هذا الحديث الجهلُ بحال يعقوب بن مجمِّع، ولا يُعرف روى عنه غير ابنه». وذكر المزي (٢) راويين آخرين، ولكنهما ضعيفان. ولم يوثق يعقوبَ أحدٌ، فأما ذكرُ ابن حبان له في «الثقات» (٣)، فلا يُجدي شيئًا لما عُرف من قاعدة ابن حبان من ذكر المجاهيل في «الثقات». وقد ذكر الأستاذ ذلك في غير موضع، وشرحته في الأمر الثامن من القاعدة السادسة من قسم القواعد، وفي ترجمة ابن حبان من قسم التراجم (٤).


(١) (٣/ ٤١٧). وانظر «بيان الوهم والإيهام» (٤/ ٤١٩).
(٢) في «تهذيب الكمال» (٨/ ١٧٨).
(٣) (٧/ ٦٤٢).
(٤) رقم (٢٠٠).