للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(العصبة)

نبدأ فنسوقُ أدلة القول بالتعصيب، ثم نعطف على اعتراضات الجيراجي إن شاء الله تعالى.

قد قدَّمنا أن مدار الوراثة على أمرين: استحقاق الصلة والعصبية، وأن الأول هو مدار الفروض، والثاني مدار ما يبقى. ولنبسط هنا الكلامَ على هذا الأصل وإن وقعَ تكرارٌ لبعض ما تقدم.

أَجَلْنا النظرَ في المواريث المبيَّنة في كتاب الله تعالى فإذا هي فروضٌ مقدَّرة وإرثٌ مطلق، بيَّنت السنة ثم اتفقت الأمة أن المراد بإطلاقه أن جميع المال عند عدم الفروض، والباقي بعد الفروض عند وجودها.

ثم أَجَلْنا النظرَ في ذوي الفروض، فإذا هم إما إناث وإما رجال، ليسوا من رجال عشيرة المورث الذين يغضبون له ويعصبون حوله، ولم يخرج من ذلك إلّا الأب عند وجود الولد.

وأَجَلْنا النظر في الضرب الآخر، فإذا هم كلهم من عشيرة المورث بلا استثناء، ثم نظرنا فإذا هم إما رجالٌ فقط، وإما رجالٌ مع أخواتهم، ولم يخرج من ذلك إلا الأخوات مع البنات.

فتبين لنا أن مدار الفروض على استحقاق الصلة، ومدار ما يبقى على العصبية. ولكن من الورثة مَن يجمع الأمرين، فاقتضت الحكمة في هذا أنه إذا لم يُخشَ من سقوطه لم يُفرض، وذلك الابن والأب عند عدم الولد، وإذا خُشِي سقوطُه فُرِض له، وذلك الأب عند وجود الولد.