للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب الاعتصام، باب قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً}

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «يُجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلَّغتَ؟ فيقول: نعم يا رب، فتُسأل أمَّتُه: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير، فيقال: مَنْ شهودك؟ فيقول: محمد وأمته، فيجاء بكم فتشهدون» ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} قال: «عدلا» {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (١).

قيل: ما فائدة شهادتنا، وإنما هي مبنية على إعلام الله تعالى لنا؟ فهلَّا اكتفى الله عز وجل بعلمه؟

وأجيب بأن الفائدة إظهار فضل هذه الأمة.

وأقول: يحتمل أن يكون في الحديث دلالة أن الحاكم لا يحكم بعلمه، ولكنه إذا كان قبل المحاكمة، وقد حمّل شهادته شهودًا ثم قامت المحاكمة عنده فجاء المحمَّلون فشهدوا عنده فإنه يقبل تلك الشهادة.

وتقام شهادتهم مقام شهادة الأصل، أي أن شهادة محمدٍ وأمته لنوحٍ تقام مقام شهادة الله عز وجل. فهي حجة وحدها.

وأما شهادة المحمَّلين عن القاضي من الخلق، فإنما يقوم مقام شهادة مخلوق واحد. نعم، فلو كان ذلك القاضي هو خزيمة فهي وحدها حجّة، وإلا فلا.


(١) رقم (٧٣٤٩).