للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا بقرآنٍ، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد». وفي روايةٍ (١): «أن أناديَ أنه لا صلاة إلا بقرآنٍ: فاتحة الكتاب فما زاد».

فهذا يشير إلى النسخ؛ لأنّ النداء لا يكون إلا في أمرٍ تجدّد، لأنَّ إسلام أبي هريرة متأخّر جدًّا، ويستحيل أن يكون مَضَت تلك المدّة الطويلة، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يُعلِمِ الناسَ بوجوب قراءة الفاتحة حتى يحتاج في إعلامهم حينئذٍ إلى نداءٍ إلا وهي لم تكن واجبةً، وهذا ــ إن شاء الله ــ مُتَّجهٌ.

وقد يقال: هذه الأحاديث دلّت على وجوب قدر زائدٍ على الفاتحة.

فنقول: قال الحافظ في «الفتح» (٢): «وتُعقِّب بأنّه ــ أي قوله: «فصاعدًا» ــ ورد لدفع توهّم قصر الحكم على الفاتحة، قال البخاريّ في «جزء القراءة» (٣): وهو نظير قوله: «تُقطَع اليدُ في رُبع دينارٍ فصاعدًا» (٤)، وفي حديثٍ لأبي هريرة موقوفًا (٥): «وإن لم تزِدْ على أمّ القرآن أجزأتَ»، ولابن خزيمة (٦) من حديث ابن عبّاس أنّ النّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قام فصلّى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بأمّ الكتاب.

واعلم أنّ الأدلة تُعطِي أنّ القراءة إذا جهر الإمام حرامٌ إلا بالفاتحة،


(١) عند أبي داود أيضًا (٨٢٠).
(٢) (٢/ ٢٤٣).
(٣) (ص ٤٨) بتخريجه «تحفة الأنام».
(٤) أخرجه البخاري (٦٧٨٩) ومسلم (١٦٨٤) من حديث عائشة.
(٥) أخرجه البخاري (٧٧٢).
(٦) في «صحيحه» (٥١٣).