للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصدق والكذب]

حكوا (١) عن أهل السنة والجمهور: أن الصدق مطابقة الخبر للواقع في نفس الأمر، والكذب عدم مطابقته له في نفس الأمر.

وحكوا عن النظَّام: أن الصدق هو مطابقة الخبر للواقع في اعتقاد المخبِر، والكذب عدم مطابقته له في اعتقاده.

وعن الجاحظ: أن الصدق مطابقة الخبر للواقع في نفس الأمر وفي اعتقاد المخبِر، والكذب عدم مطابقته له فيهما، وما دون ذلك لا يسمى صدقًا ولا كذبًا.

وذهب الراغب (٢) إلى نحو هذا، إلا أنه قال: إن ما دون ذلك صدقٌ من جهةٍ، كذبٌ من جهةٍ.

وزعم بعض المتأخرين أن الصدق والكذب إذا نسبا إلى الخبر فكما قاله الجمهور، وإن نسبا إلى المخبر فكما قاله النظَّام.

والصواب مع الجمهور، لكن غلب في العرف أن لا يقال للكذب خطأً «كذب»، بل يقال: خطأ وغلط، إلا حيث يقصد نسبة المخبر إلى التقصير، أو يقصد التنفير عن اتباعه.

وعلى هذا يُحمل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من قوله: «كذب


(١) يراجع في هذا الموضوع: «شرح جمع الجوامع» للمحلي (٢/ ١١١ وما بعدها) و «إرشاد الفحول» (ص ٣٩، ٤٠) و «شروح التلخيص» (١/ ١٧٣ وما بعدها).
(٢) «المفردات» (ص ٤٧٨، ٤٧٩).