للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهبْ أنه يمتنع مخالفة الذاهبين إلى الإجمال، أفليس يمتنع مخالفة الإجماع على تحريم الزيادة المشروطة في القرض؟ وقد علمتَ أن الإجماع على الإجمال موهوم، والإجماعَ على التحريم معلومٌ، ومخالفةَ القول بالإجمال من باب إحداث دليل أو تاويل، ومخالفةَ القول بالتحريم خرقٌ لإجماعٍ في حكم شرعي عملي بإحداث حكم آخر.

[ق ٧] والجواب عن الحجة الثانية أن القائل بالإجمال يقول: إن لفظ «الربا» نُقِل إلى معنى شرعي. ومَن يقول ببقائه على أصل اللغة يقول: هو عام مخصوص، فكل زيادة صحَّ دليلٌ بجوازها خُصَّت من عموم الربا.

وقد تقرر في الأصول أن التخصيص أولى من النقل، والعمومات المخصوصة كثيرة في الشريعة حتى قيل: ما من عام إلا وقد خُصَّ، فلو كان كل عام قد خُصَّ يُحمل على الإجمال والنقل، لوجب أن يقال ذلك في جميع الألفاظ العامة المخصوصة، وهذا باطل حتمًا.

والجواب عن الحجة الثالثة أن هذا الأثر أخرجه ابن ماجه (١) وغيره من طريق سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عمر. وسعيد وقتادة مدلِّسان، وابن المسيب عن عمر منقطع. ولو صحَّ لم يكن نصًّا في الإجمال، بل يُحمل على أن هناك أمورًا ليست من أفراد الربا لفظًا، ولكنها تُشبِهه من حيث المعنى، وقد تقدم في القسم الأول ما يتضح به ذلك.

وكثيرًا ما يرِد في القرآن نصوص على أمور معروفة، فيُلْحِق بها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما ليس منها نصًّا، ولكنه في معناها. نَصَّ القرآن على حُرمة الأمِّ


(١) رقم (٢٢٧٦) وقد سبق تخريجه.