للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[٢/ ١٧٧] ١ - فصل

لنا أن نقول: إن مدار كمال المخلوق على حبّ الحق وكراهية الباطل، فخَلَق الله تعالى الناس مفطورين على ذلك، وقدَّر لهم ما يؤكد تلك الفطرة، وما يدعوهم إلى خلافها، ليكون عليهم في اختيار الكمال ــ وهو مقتضى الفطرة ــ مشقةٌ وتعب وعناء، ولهم في خلاف ذلك شهوة وهوى. فمن اختار منهم مقتضى الفطرة، وصبر على ما فيه من المشقة والعناء، وعمَّا في خلافه من الراحة العاجلة واللذة= استحق أن يُحمَد، فاستحقَّ الكمالَ، فناله. ومن آثر الشهوةَ واتبع الهوى استحقَّ الذمَّ، فسقط.

وفي "صحيح مسلم" (١) من حديث أبي هريرة وأنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "حُفّت الجنة بالمكاره، وحُفّت النار بالشهوات". وهو في "صحيح البخاري" (٢) من حديث أبي هريرة بنحوه.

وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم (٣) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريلَ إلى الجنة، فقال: انظر إليها. قال: فرجع إليه فقال: وعزّتِك لا يسمع بها أحد إلا دخلها. فأمر بها، فحُفَّت بالمكاره، فقال: ارجع إليها، فرجع، فقال: وعزَّتِك لقد خِفْتُ أن لا يدخلها أحد. قال: اذهب إلى النار، فانظر إليها. فرجع، فقال: وعزِّتِك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بها،


(١) رقم (٢٨٢٢، ٢٨٢٣).
(٢) رقم (٦٤٨٧).
(٣) أبو داود (٤٧٤٤) والترمذي (٢٥٦٠) والنسائي (٧/ ٣ - ٤) وابن حبان (٧٣٩٤) والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٦ - ٢٧). وإسناده حسن.