للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للشيخ: يا مولانا نريد من هذا الغنم رأسًا نأكله، فقال: معي عشرة دراهم، خذوها واشتروا بها رأس غنمٍ، وكان ثَمَّ تركماني فاشترينا منه رأسًا بها، فمشينا.

فلحِقَنا رفيقٌ له، وقال: ردُّوا الرأس وخذوا أصغر منه، فإن هذا ما عرف يبيعكم يَسْوَى هذا الرأس البختيَّة الذي معكم أكثر من الذي قبض منكم، وتقاولنا نحن وإيَّاه. ولما عرف الشيخ ذلك قال لنا: خذوا الرأس وامشوا، وأنا أقف معه وأرضيه، فتقدَّمْنا وبقي الشيخ يتحدَّث معه ويمنِّيه، فلمَّا أبعدنا قليلًا تركه وتبعنا، وبقي التركماني يمشي خلفه ويصيح به، وهو لا يلتفت إليه.

ولمَّا لم يكلِّمه لحقه بغيظٍ وجذب يده اليسرى، وقال: أين تروح وتخلِّيني؟ وإذا بيد الشيخ قد انخلعت من عند كتفه، وبقيت في يد التركماني ودمها يجري، فبُهِت التركماني وتحيَّر في أمره، ورمى اليد وخاف، فرجع الشيخ وأخذ تلك اليد بيده اليمني ولحقنا.

وبقي التركماني راجعًا وهو يتلفَّت إلينا حتى غاب، ولمَّا وصل الشيخ إلينا رأينا في يده اليمنى منديله لا غير». وذكر قصَّة ثالثة. انتهى (١)] (٢).

وهذا الضَّرب يحتمل وجهين:

الأول: أنَّه سحرٌ للأبصار فقط، بحيث يختلُّ إدراكها، فترى ما لا حقيقة له.

والثاني ــ وهو الذي يترجَّح لي ـ: أنَّه سحرٌ للأدمغة، فيصير دماغ المسحور


(١) «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» لابن أبي أُصيبعة (ص ٦٤٢ - ٦٤٣). ويُنظَر أيضًا: «وفيات الأعيان» لابن خلّكان (٦/ ٢٦٩ - ٢٧٠)، و «سير أعلام النبلاء» للذهبي (٢١/ ٢٠٨ - ٢٠٩)، و «تاريخ الإسلام» له (٤١/ ٢٨٤ - ٢٨٥). وغيرها.
(٢) ما بين القوسين المعقوفين بيَّض له المؤلِّف رحمه الله.