للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المواظبة عليها، وفي ذلك إشكال ... ".

[ص ٥] وحاصِلُ الإشكال موضَّحًا: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا قد عرفوا فضل قيام رمضان، ولم يكونوا يعلمون أنه في البيوت أفضل، فلمّا سمعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يصلِّيه (١) في مسجده، ويأتمُّ به مَنْ حضر؛ ظنّوا معذورين أن حضورهم للصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد أفضل، والمداومةُ التي كانت قد وقعت منهم قبل أن يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قصةَ الفرض= كان الظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرّهم عليها، فتأكّد العذر، ولو كان العمل مشروعًا ولم يقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان عملًا كلّه خير.

والفرضُ الذي خشيه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢) كان عقوبةً، بدليل قوله: "ولو كُتِب عليكم ما قمتم به".

وقد فهم البخاري ذلك، فأخرج الحديث في باب ما يُكرَه من السؤال (٣)، وذكر معه آية: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}، وحديث: "إن أعظمَ المسلمين جرمًا مَن سأل عن شيء لم يُحرَّم فحُرِّم من أجل مسألته". وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٦٠ ــ ١٦١]. فكيف تكون المداومة على عملٍ


(١) في النسخة اليمنية: "يصلي".
(٢) هنا كلمتان بين السطرين لم أستطع قراءتهما، وليس هناك إشارة لحق، والكلام متصل بدونهما.
(٣) "الصحيح" مع الفتح (١٣/ ٢٦٤).