للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيحصل القطع باستحالة أن يوجد دليل عقلي صحيح على بطلان ذاك المعنى. فمن زعم أن النصوص لا يحصل بها القطع بعدم المعارض العقلي، فإما أن يكون جاهلًا بقوانين الكلام، وإما أن يكون يُكذِّب المتكلِّمَ بالنصوص. فإذا زاد على هذا، فرَدَّ بعضَ تلك النصوص أو حرَّفها إلى غير المعاني التي يعلم أن حقَّها بحسب قانون الكلام أنْ تُفهَم منها، فهو مكذِّب للمتكلِّم بها، ولابد.

ومن وقف عن نفي حصول القطع وإثباته مع معرفته بقوانين الكلام، فإن كان واقفًا في المسائل التي يختلف فيها السلفيون وغيرهم أو غالبها، فهو غير جازم بتصديق المتكلِّم بالنصوص. وإن كان يردُّ كثيرًا من تلك النصوص أو يحرِّفها، فلا معنى لوقفه بل هو مكذِّب البتة.

فإن قيل: قد يخطئ في فهم النصوص التي خالفها.

قلت: إنما يتجه الحملُ على الخطأ حيث يقلُّ ويكون الغالب الصواب، ومع ذلك فهذا إنما يفيد الجازم بالتصديق، فأما المرتاب فسواء أخطأ أم تعمد.

فأما القرائن فهي على ضربين:

الضرب الأول: ما هو كالجزء من الكلام بأن ينصبه المتكلم أو يلاحظه تتميمًا لمقصود الكلام وهو الإفهام. فتارةً تكون فائدتها تأسيسية وذلك حيث يتوقف عليها الفهم أو تعيين المراد أو تبيينه، وتارةً تكون تأكيدية وذلك حيث توافق ما يدل عليه الكلام.

الضرب الثاني: العلامات والأمارات الدالة على بعض الأمور، كأن نعلم أن القاضي مريض مرضًا خطرًا ثم نسمع البكاء من بيته، ويُدعَى الغسَّالون والحفَّارون ويحضر العلماء والأمراء، ثم تخرج من بيت القاضي جنازة على