للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي شرح مسلمٍ للأُبِّيِّ عن القرطبيِّ: فيحتجُّ به للدخول في الإسلام بكلِّ ما يدلُّ على الدخول فيه من قولٍ أو فعلٍ ما يتنزَّل منزلة النطق بالشهادتين، وقد حكم النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بإسلام بني جَذِيمة الذين قتلهم خالدٌ وهم يقولون: "صبأنا صبأنا"، ولم يحسنوا أن يقولوا: "أسلمنا"، فلما بلغ ذلك النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم رفع يديه إلى السماء، وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالدٌ"، ثم وداهم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (١).

قال الأُبِّيُّ: "وكان الشيخ ــ يعني شيخه أبا عبد الله محمد بن عرفة ــ يقول: كلمة: "أسلمت لله" إنما توجب الكفَّ عن القتل ثم يستَفهم بعد ذلك"، قال الأُبِّيُّ: "وهو خلاف ما دلَّ عليه الحديث" (٢).

أقول: وذلك من وجهين، الأول: أنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أطلق النهي ولم يقل: لا تقتله حتى تستفهمه وتعرض عليه النطق بالشهادتين، فإن أبى فاقتله، أو نحو ذلك.

الثاني: قوله: "فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله" والمعنى الظاهر من هذا أنه مسلم، والظاهر حجة.

فائدة:

اختلف في معنى قوله: "وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته". ولا نزاع أن الظاهر "وأنت كافر"، ولكن الجمهور أبوا هذا؛ لأن من أصلهم أن ارتكاب


(١) انظر: المفهم ١/ ٢٩٣ - ٢٩٤.
(٢) شرح الأُبِّي لصحيح مسلمٍ ١/ ٢٠٤. [المؤلف]