للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَتَبَيَّنُوا} (١) [الحجرات: ٦].

والمراد بالفاسق عندهم: أي من بان لهم أنه فاسق، فإنهم لم يكلَّفوا علم الغيب.

ومن التزم الإيمان، واستمرّ مدّةً محافظًا على ما اقتضاه، مجانبًا لما نافاه، حتى اطمأنت النفوس إلى أن ذلك خلق ثابت له، فليس بفاسق عندهم اتفاقًا. فهؤلاء هم المؤمنون في الآية الأولى، ويزيده في حق الآية وضوحًا، بل يصل درجة اليقين القاطع: ما عرف من الدلائل على وجوب العمل بخبر الواحد الثقة، وقد ذكرت كثيرًا منها في رسالة "العمل بخبر الواحد" (٢). والله أعلم.

فصل

دل قوله تعالى: {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} بمنطوقه، وقوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} بمفهومه: أن من عُرِف بالإيمان والمحافظة على ما يقتضيه، واجتناب ما ينافيه، حتى اطمأنت النفوس إلى أن ذلك خلق له، فهو حقيق بأن يصدَّق في خبره، وهو المسمى عندهم بالعدل.

ودلت الأولى بمفهومها، والثانية بمنطوقها على أن من عُثِر منه على ما يقتضي الفسق، وجب التبيُّن في خبره.

فخبر العدل بَيِّن بنفسه، وخبر الفاسق غير بَيِّن بنفسه، بل يحتاج إلى


(١) في الأصل سقط من الآية {بِنَبَإٍ}.
(٢) وهي مطبوعة ضمن "رسائل أصول الفقه" في هذه الموسوعة المباركة.