«ابن جريج عن الزهري»، ولم يجئ بيان السماع من وجه آخر، فإنه لا يُحْكَم بالاتصال، بل يُبنى على أوهن الاحتمالين، وهو أن بين ابن جريج وبين الزهري واسطة، وذلك لاشتهار ابن جريج بالتدليس.
وعلى هذا، فسيَّانِ قيل:«ابن جريج أخبِرتُ عن الزهري» و «ابن جريج عن الزهري». ولهذا قال الإمام أحمد: أرجو أن لا يكون حدَّث إلا بالصدق. وإنما ذكر في رواية عبد الله كراهيته لذلك، لأنه رآه خلاف الكمال في الأمانة. وفي [١/ ٢٢٨]«الكفاية»(ص ١٨٧) من طريق: «عبد الله بن أحمد قال: كان إذا مرَّ بأبي لحن فاحش غيَّره، وإذا كان لحنًا سهلًا تَرَكه، وقال: كذا قال الشيخ». فأنت ترى أحمد يمتنع من تغيير اللحن، فما ظنُّك بما تقدَّم!
فإن قيل: فما الحامل لسُنيد على التماس ذلك من حجَّاج؟ قلت: طلب الاختصار والتزيين الصوري.
فتدبَّرْ ما تقدم يتبيَّنْ لك أنه ليس في الحكاية ما يُشعر بوهنٍ في تثبُّت حجاج، حتى يقوى الحدس بأنها كانت في وقت تغيُّره، ويتضحْ لك أن ما تقدَّم من الدليل على أن حجَّاجًا لم يُحدِّث في وقت تغيُّرِه هو على إطلاقه.
المبحث الثالث: في التلقين.
التلقين القادح في الملقِّن هو أن يوقع الشيخَ في الكذب ولا يبيِّن، فإن كان إنما فعل ذلك امتحانًا للشيخ وبيَّن ذلك في المجلس لن يضرَّه. وأما الشيخ، فإن قبِلَ التلقين وكثُر ذلك منه فإنه يسقط. دخل حفص بن غياث ويحيى بن سعيد القطان على موسى بن دينار المكي، فوجدا عنده أبا شيخٍ جاريةَ بن هرِم الفُقَيمي، فجعل حفص يقول لموسى امتحانًا: حدَّثتْك عائشةُ