يكون فيه ما يغني فيما يثبت به الشرعُ بعد تنبيه الشرع، ثم يكون فيه وفي الشرع ما يكفي لتحصيل القدر المطلوب منهم.
ويؤكد هذا أن تحصيل الدرجة التي يُعتدُّ بها في النظر العقلي المتعمَّق فيه صعب جدًّا. قال ابن سينا كما في "مختصر الصواعق"(١/ ٢٤٣): "فإن المبرّزين المنفقين أيامهم ولياليهم وساعاتِ عمرهم على تثقيف أذهانهم وتذكية أفهامهم وترشيح نفوسهم لسرعة الوقوف على المعاني الغامضة يحتاجون في تفهُّم هذه المعاني إلى فَضْل بيانٍ وشرح عبارة".
فمن الممتنع أن يكلِّف الله تعالى جميعَ عباده بهذا، ومن الممتنع أن يكتفي منهم في الأصول التي يلزمهم اعتقادُها بالتقليد الصِّرْف لمن ليس بمعصوم. كيف وقد علم سبحانه أن النُّظار سيختلفون، فيكون فيهم المُحِقّ والمُبْطِل، ومعرفةُ العامة بالمُحِقِّ مع جهلهم بما هو الحقُّ وعدمِ العصمة ظاهرُ الامتناع.
وقد نصَّ الله تبارك وتعالى في كتابه على أنه خلق الناسَ على الهيئة التي تُرشِّحهم لمعرفة الحق. قال الله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ [٢/ ٢٠٦] لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[الروم: ٣٠].
وعدم العلم إنما هو لأمرين:
الأول: ما يطرأ على الفطرة مما يغشاها، فيصرِف عن مراعاتها. وفي "الصحيحين"(١) من طرقٍ عن أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه