للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الكذب على الزوجة ونحوه مما رخّص فيه، وإيهام العلوّ ليس فيه دفع مضرّة بل ولا جلب [٣] مصلحة. وقد صدق الخطيب في قوله: "وذلك خلاف موجب العدالة ومقتضى الديانة؛ من التواضع في طلب العلم، وترك الحميّة في الإخبار بأخذ العلم عمن أخذه" (١).

هذا، ويشتدّ الأمر فيمن كان يقول: "حدثنا" ثم يسكت، ثم يقول: "فلان ... " يريد: قال فلان ولم يسمعه منه.

ومَن كان يقول: "حدثنا فلان وفلان" ولم يسمعه من الثاني إنما أراد: وقال فلان أو نحوه.

ومَن كان يدلّس تدليس التسوية كالوليد بن مسلم فيقول: "حدثنا الأوزاعي عن الزهري" مع أن الأوزاعي إنما رواه عن إبراهيم بن مرة عن الزهري، وإبراهيم بن مرة قد ضعَّفه الوليدُ نفسُه.

وإن قلتم: ليست الصيغة ظاهرةً في السماع، فإنه ينحلّ الإشكال المتقدّم، لكن يورد إشكال أشدّ منه، وهو أنهم صرَّحوا بأنها إذا صدرت ممن لم يوصف بالتدليس تُحْمَل على السماع، تحسينًا للظن بمن ثبتت عدالتُه.

فيقال لهم: الفَرْض أنها ليست ظاهرةً في السماع، وعليه فلا يكون إطلاقها مع عدم السماع قبيحًا ولا مكروهًا حتى يلزم من احتماله إساءة الظن بالراوي. وإذا ثبت هذا لم يبق حجة لحملها على السماع إلا في حق مَن ثبت


(١) "الكفاية" (ص ٣٥٨).