للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٢٩] (١) وقد عنَّ لي أن أجمع رسالة في أحكام الجرح والتعديل، ومذاهب أئمة الفن في ذلك تفصيلًا بقدر الإمكان، وأرجو إذا يسّر الله عز وجل ذلك أن تنحلّ به كثير من مشكلات الفن، بل أن يتيسَّر للعالم في هذا العصر السبيلُ إلى أن يعرف بالحجة والدليل درجات التابعين وأتباعهم فمن بعدهم، حتى يمكنه أن يوثّق من لم يعلم أحدًا وثقه، ويجرح من لم يعلم أحدًا جرحه.

هذا، ولست بجاهلٍ قصور باعي، وقلة اطلاعي، ولكن عسى أن يكون الله تبارك وتعالى قد أراد إظهار شيء من هذا العلم على يدي، والله على كل شيء قدير.

فإذا أتمَّ الله عز وجل ذلك شرعتُ إن شاء الله تعالى في رسالة في أحكام الاتصال والانقطاع، ثم أخرى في أحكام الشذود والعلل. والله المستعان، وعليه التكلان.

قال الله تبارك وتعالى في صفات المنافقين: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} [التوبة: ٦١].

قولهم: {هُوَ أُذُنٌ} معناه كما في كتب اللغة والتفسير: أنه يُكثر الاستماعَ والتصديقَ لما يقال (٢). يريدون أنه يصدّق ما يُخْبَر به صدقًا كان أو كذبًا.


(١) لم يتحرر ترتيب الرسالة، فابتدأناها بهذا الموضع؛ لأنه أشبه شيء ببدايتها، وأخرنا [ص ٢٥ ب -٢٨ ب] إلى آخرها.
(٢) الكلمة غير واضحة ولعلها ما أثبت.