للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه يعرف ما لا يعرف غيره، فقرأ بها أبو حصين إعلامًا بأنه يعرفها.

فأما القذف فلم يُرِد به أبو حصين الإثبات، وإنما هو شتم جرّ إليه الغضب، ولم يلتفت أحدٌ من أئمة الحديث والفقه إلى هذه القصة، بل احتجّوا بأبي حُصين، وأطابوا الثناء عليه.

* * * *

[ص ٢٥] فصل ــ ٩

في المبتدع

البدعة التي جَرَت عادتُهم بالبحث عن صاحبها عند الكلام في العدالة، هي البدعة في الاعتقاديات وما بُني عليها أو أُلْحِق بها.

وأهلُ العلم مختلفون في هذا الضرب من البدعة أيكون جرحًا في عدالة صاحبه؟ والذي يظهر لي أنه ينبغي أولًا النظر في أدلة تلك المقالة، ثم في أحوال الرجل وأحوال عصره وعلاقته بها، فإن غلب على الظن ــ بعد الإبلاغ في التثبُّت والتحرّي ــ أنه لا يخلو في إظهاره تلك المقالة عن غَرَض دنيوي من عصبية، أو طَمَع في شهرة، أو حبّ دنيا، أو نحو ذلك= فحقّه أن يُطْرَح، وكذلك إن احْتُمِل ذلك احتمالًا قويًّا بحيث لا يغلب على ظنِّ العارف به تبرئته ممّا ذُكِر.

وإن ظهر أنه أنّما أداه إليها اجتهادُه، وابتغاؤه الحقَّ، وأنه حريص على إصابة الحق في اتباع الكتاب والسنة، فلا ينبغي أن يُجْرَح بمقالته، بل إن ثبتت عدالتُه فيما سوى ذلك، وضبطُه، وتحرِّيه، نُظِر في درجته من العلم والدين والصلاح والتحري والتثبُّت. فإنْ كان عالي الدرجة في ذلك احتجَّ