للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث رافع بن خديج. ثم أخرج (١) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ وعن ثابت عن أنس القصة مختصرةً، وفيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لو لم تفعلوا لصَلُح". وحماد على فضله كان يخطئ، فالصواب ما في الروايتين الأوليين. وقولُه صلى الله عليه وآله وسلم: "ولكن إذا حدَّثتكم عن الله شيئًا فخذوا به، فإني لن أكذِبَ على الله"، و"إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به" واضحُ الدلالة على عصمته - صلى الله عليه وسلم - من الكذب خطأً فيما يخبر به عن الله وفي أمر الدين.

ومن ذلك قصة ذي اليدين: سلَّم - صلى الله عليه وسلم - في الظهر أو العصر من ركعتين، فقام إليه ذو اليدين فقال: أقَصُرَت الصلاة يا رسول الله أم نسيتَ؟ فقال: "كلُّ ذلك لم يكن". فقال ذو اليدين: بل بعض ذلك قد كان. فسأل - صلى الله عليه وسلم - الناس، فصدَّقوا ذا اليدين. فقام فأتمَّ بهم الصلاة (٢).

فقوله: "كلُّ ذلك لم يكن" يتضمن خبرين: الأول: عن الدين، وهو أن الصلاة لم تقصُر، وهو حق. والثاني: عن شأن نفسه، وهو أنه لم ينسَ، والواقع أنه كان قد نسي. والقرائن واضحة في أنه إنَّما اعتمد في الخبر الثاني على ظنه، فهو في قوة قوله: "لم أنسَ فيما أرى".

ومما يدخل في هذا ما جاء في رضاع الغَيْل، ففي "صحيح مسلم" (٣)


(١) رقم (٢٣٦٣).
(٢) أخرجه مسلم (٥٧٣) من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ. وأخرجه البخاري (١٢٢٧، ١٢٢٨) نحوه.
(٣) رقم (١٤٤٣) من حديث أسامة بن زيد أنه أخبر سعدَ بن أبي وقاص. وهو من مسند أسامة في "مسند أحمد" (٢١٧٧٠) و"المعجم الكبير" للطبراني (٣٨٢).